الزواجُ الثاني هو تشريعٌ ربَّاني له حِكمته وفائدتُه العظيمة، ولكنَّه مِثلُ أيِّ أمرٍ آخَر، إنْ أسأْنا استخدامَه وفقدْنا قُدرتنا على السيطرةِ عليه، فإنَّه سيؤدِّي لمشكلاتٍ كبيرة، ومآسٍ عديدة، نحن في غِنًى عنها!
الأعمُّ الأغلب يعتقدون أنَّ الزواجَ الثاني حقٌّ مطلق للرجل، وله مطلَق الحرية في الزواج مِن ثانية، أيًّا كان وضعُه المادي أو الاجتماعي، وهذا ما جعَلَنا نرى كثيرًا مِن الأُسر المُتعَبة والمفكَّكة بسببِ زواج الأبِ بزوجةٍ ثانية دون أن يُقدِّر وضْعه وقدرته، ومِن ثَمَّ صارتْ صورة الزواج الثاني مشوَّهة مشوشة، وتغلب عليها الفوضَى!
لكن دَعْنا يا سيِّدي نحلِّل الأمر جزءًا جزءًا، وقد قام بهذا الأمرِ الدكتورُ جاسم المطوع - جزاه الله خيرًا - ففصَّله في مقالة له موجودة على موقعه الإلكتروني بعنوان: "زوجة واحدة أم تعدُّد"، ويُمكنك العودةُ إليها بالبحثِ في (جوجل).
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا كان الرجل يريد أن يتزوج زوجةً أخرى فهل يشترط أن يستأذن امرأته الأولى وما الحكم لو تزوج بدون علمها ؟
فأجاب رحمه الله : " أعتقد أنه لو استأذن منها لأبت أن يتزوج ، ولكن ليس من شرط النكاح أن يستأذن الزوجة الأولى بل حتى لو استأذنها وأَبَتْ فله الحق أن يتزوج ،
ولكن مع هذا أرى أنه ينبغي أن يشاورها ويقنعها حتى تقتنع بذلك وتطمئن ، ويبين العلة التي من أجلها يريد أن يتزوج ، فإذا جاءتها الزوجة الجديدة جاءتها وهي على اطمئنانٍ بها وعلى علمٍ بها وعلى رضىً بها ،
وحينئذٍ يمكن أن تعيش الزوجتان عيشةً حميدة بدون تنافرٍ ولا تباغض ، فمن أجل مراعاة هذه الفوائد ينبغي أن يستأذنها ويخبرها ، وأما أن يكون ذلك واجباً فليس بواجب " .
الأصلُ في الزواج أن يكونَ بواحدةٍ، ثم يأتي التعدُّد الذي أقرَّه الإسلامُ وحدَّده ونظَّمه؛ لأنَّه كان في الجاهلية بلا أيِّ قيود، فكان الرجلُ يتزوَّج ما شاءَ مِن النساء، فجاءَ الإسلامُ وأقرَّه وحدَّده بأربعِ نِساء فقط وبشروط؛ مَن خاف أن يُخالِف أحدَها فالأولى له البقاءُ على واحدةٍ؛ حتى لا يُعرِّض نفسَه للحساب يومَ القيامة.
وبناءً على هذه الشروط، فإنَّ الزواجَ الثاني تعتريه الأحكامُ الخمسة، مثل أيِّ مباحٍ مِن المباحات، فيكون:
• واجبًا: إذا خاف الرجلُ على نفسِه الوقوعَ في الزِّنا، شرْط قيامِه بواجبِ العدل.
• مندوبًا: إذا غلَب على الظنِّ تحقيقُ مصلحةٍ مِن ورائه.
• مباحًا: إذا استوتْ عندَه المصالحُ والمفاسِد.
• مكروهًا: إذا غلَب على الظنِّ أنَّ المفاسدَ أكبر.
• حرامًا: إذا كان غيرَ قادرٍ على تحقيقِ العدالة بيْن أُسَرِه جميعًا.
رابط الموضوع:
تعليقات بلوجر
تعليقات فيسبوك